أيهما أذكى: البائع أم العميل؟

Seller customeris near (1)

مات البائع!

كان هناك بائعًا لفروخ النخل (النخل الصغير بغرض غرسه)، كان يبيع فحول النخل (وهو الفحل الذي ينتج لقاح النخل ولا ينتج تمرًا) على أنها فروخ نخيل مميزة (مثل السكري والبرحي) وهذا بلا شك غش وخداع حيث أن فرق السعر بينهما كبير جدًا، وعندما سأله أحدهم لماذا تفعل ذلك؟ ألا تخشى أن تُكتشف من قبل المشترين؟ ردّ بالقول: “الفرخ ليبدأ بالإثمار يحتاج إلى خمس سنوات، وعندها إما يكون المشتري قد مات أو الفرخ قد مات (في العادة هناك نسبة من الفروخ تموت قبل الإثمار) أو أكون أنا قد مت”

خالد الراجحي في كتاب قاع الفنجان. لقراءة بعض مواضيع الكتاب اضغط ( هنا )

منذ بدأت مرحلة سعودة المحلات المخصصة بالمكياج والتجميل، والبائعة تصير مثل ظلي، أنا أقدر لها اهتمامها لكنني في الغالب أخبرها بأني أعرف ما أريد، وإذا أحتجت للمساعدة سأطلبها. حدث مرة بعد أن أشتريت منتج حسب نصيحتها، سمعتها وأنا على وشك الخروج تقول لصويحباتها وهي تضحك: “شوفوني خلصت كل اللي دخلوا” الجملة لفتت انتباهي واستفزتني، لأن الفكرة عندهم -غالبا- هي الوصول لعدد معين من المبيعات، وليس بيع المنتج المناسب للشخص المناسب. يتم في المتجر توزيع البائعات على العلامات التجارية الموجودة، فمثلا عندما أقول بأني أريد كريم أساس للبشرة المختلطة وبالمواصفات التالية…، فلن يتم اعطائي الافضل، وانما ستعطيني التي طلبت منها من منتجات العلامة التجارية المسؤولة هي عنها. وهذا أمر بائس، بالنسبة لي على الاقل.

البائع الناجح هو الذي يبيع ليقدم خدمة للعميل وليس للحصول – فقط – على عمولة من شركته.

معظم البائعات لا تعرف التفاصيل الدقيقة لمنتجات العلامة التجارية الخاصة بها، فعندما أقول لها بأني أريد كريم أساس لا يحتوي على زيوت ترد بأنها زيوت طبيعية لا تؤثر، لكنها في الحقيقة تؤثر. العطر يؤثر. ودرجة جفاف الكريم تؤثر ايضًا فالكريم المات (شديد الجفاف) لا يُعطى لذوات البشرة المختلطة، لكنهم يفعلون ذلك.

منذُ تيقنت بأن على البائعة الوصول لعدد نقاط معين، صرت أبحث بنفسي وأحدد ما أريد قبل الذهاب الى السوق، انها الطريقة الأفضل للحفاظ على مالي وللبقاء بدون منتجات مكدسة في الأدراج. لا يحتاج العميل لأكثر من خيبة، خيبة واحدة فقط كفيلة بنزع ثقته، وإظهارك كشركة مخادعة تحب “الفلوس” أكثر من العميل مدى الحياة.

من الخطأ أن يعتقد البائع أنه أذكى من العميل.

يحدث هذا في الصيدليات ايضًا، فقط طرحت استفتاء في تويتر قلت فيه: لما تدخلون للصيدلية وتطلبون على سبيل المثال كريم لترطيب الجسم، إيش الخيارات اللي تُطرح عليكم من الصيدلي، ومساعديه؟ وكانت النتيجة كالتالي: ٤٩٪ طرحت عليهم المنتجات الاغلى ثمنا، ٢ ٪ طُرحت عليهم المنتجات الارخص، اما ٤٩٪ فلم يسبق لهم أن سألوا. كان الاستفتاء بعد خروجي من صيدلية تعتبر من أكبر وأهم الصيدليات لدينا، طرحت عليه السؤال السابق فأعطاني كريم لترطيب الجسم يتجاوز سعره ١٧٠ ريال وحجمه بحدود ٢٠٠ غرام. قلت له بأن ميزانيتي لا تسمح وأرغب بمنتجات أقل سعرًا، لم يطرح علي أي منتج أخر انما أعطاني محاضرة عن البركة الموجودة في الكريم. عنادًا اشتريت كريم من نيفيا حجمه ٥٠٠ غرام وسعره ٢٥ ريال. عندما يُصر البائع/ة على منتج ما، أشعر وكأني أقع في فخ.

تذكرت لحظتها قصة الدكتور خالد الراجحي وعنوانها “مات البائع” ثم سألت نفسي: هل فعلا مات البائع؟ وصار العميل لا يستطيع أن يثق الا بنفسه! فالشركات عندنا لا تهتم الا بموضوع ماقبل البيع، أما مابعد البيع وتجربة العميل فلا تعني لهم أي شيء اطلاقا.

البائع الناجح هو الذي يعي أن صفقة البيع مربحة للطرفين.

سألت في تويتر: أيهما أذكى البائع أم العميل؟ والنتيجة كالتالي: ٨١٪ البائع و ١٩٪ العميل. فسألت نفسي هل هذه النتيجة تُعبر عن شعور العملاء بأن عملياتهم الشرائية كانت مربحة للبائع أكثر!! قالوا: “من الخطأ أن يعتقد البائع أنه أذكى من العميل” وأعتقد أن المشكلة بأن العميل يعتقد بأن البائع أذكى منه. فهو لا يبذل مجهودا في البحث والاطلاع، أو حتى مناقشة البائع قبل اتمام صفقة الشراء.

ختامًا، اتأمل بشكل متكرر المُدونات (البلوقرز) والتي يكون مجال اهتمامها العناية والتجميل، فهي تتحدث عن منتجات العناية والتجميل وتُلحقها ببعض النصائح، فأسال نفسي كيف استطاعت أن تكسب ثقة الالاف من البنات لدرجة أن ينفذ المنتج الذي نصحت به من الصيدلية/المتجر!! انها التجربة. ثم إن احساسنا بأنها أكثر منا اطلاع ومعرفة يدعم ثقتنا بها، وهذا ماينقص بعض البائعات/البائعين في العلامات التجارية المختلفة.

صباح/مساء طيب وقهوة  💜

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s