مستحضرات التجميل: هل علي أن أبدو كشخص آخر؟

 

اناقة القلب

في فترة ما، انجرفت ورى اعلانات مستحضرات التجميل، واصبح لدي العديد والعديد من المنتجات التي استخدمها والتي لا استخدمها وانما اشتريتها لاني شعرت بأنه يجب علي ذلك. قبل سنة من الآن بدأتُ السعي للتقليل، وقبل أن اتخلص من الكم الهائل الذي لدي، كانت تراودني اسئلة مثل: “لماذا علي أن أسعى للكمال؟” و “لماذا علي أن أبدو كشخص آخر أشد نحافة وأوسع عينًا وأطول انفا و.. و.. و” وكان أكثر مايثير استغرابي هو الاستخدام الزائد لـ “الكنتور” والذي تقول اعلاناته بأنه يسعى لاخفاء عيوب الوجه وابراز جماله، لكنه في الحقيقة وعند استخدامه يستطيع أن يظهرك كشخص آخر. صديقة لي، في ليلة زواجها وبعد أن أزالت مكياج وجهها، قال لها زوجها: “اللحين صرتي أنتِ” تقول بأنها شعرت بالسوء لانها أفرطت لهذه الدرجة. أنا حاليًا لدي فقط مايقارب 12 منتج، انها الطمأنينة التي يصل اليها المرء بعدما يصل الى قناعة بأنه ليس عليه أن يبدو كشخص آخر، ولا كشخص كامل، كن أنت.

بعض الأشياء تبدو هامة بنظر الناس و السبب أن المجتمع والمؤسسسات التربوية وأصحاب شركات الاعلان قد غسلوا أدمغة هؤلاء الناس ليجعلوهم يؤمنون بأن هذه الأشياء مهمة .. لو أمعنا النظر لوجدنا أن لا علاقة البتة لهذه الأشياء بالعيش في نمط حياة سعيد و صحي.

– ايرني زيلنسكي

الهدف الاول من اعلانات مستحضرات التجميل ليس شراء المرأة للمنتج، فـ بمجرد مشاهدتها للإعلان ستتكون لديها تلقائيا احتمالية الشراء، فـ الهدف الاول هو احساس المرأة بوجود مشكلة/حاجة، ولذلك دائما ماتكون عارضات اعلانات التجميل بمواصفات خاصة لخلق احتياج مُلح لهذا المنتج. فمجرد خلق هذا الاحتياج يضمن لهم استمرار المرأة بشراء هذا المنتج. إن هذه الاعلانات تخلق شعور سيء في المرأة لانها تُظهر لها أوجه القصور في مظهرها، أو ما أردوا لنا أن نراهُ قصورا.

الاعلان الحديث يسعى لخلق احتياجات وليس الى تحقيقها.

– كريستوفر لاش

اعلانات مستحضرات التجميل الآن حولت جميع المنتجات الى منتجات أساسية، رغم أنها ليس كذلك، لكن كثرة تكرار هذا الاعلانات جعلت كل هذه المنتجات بتعدد استخداماتها ضرورية لكل امرأة لانها تحل لها جميع المشاكل الناشئة من التعرض المستمر للاعلانات.

وحتى لا نظلم هذه المستحضرات الجديدة، فبعضها أنقذنا فعلا، مثلا “cc\bb creem” يقدم لك تغطية خفيفة، وهذا خيار جيد بالنسبة للذين يفضلون دائما الظهور بمظهر بسيط ولطيف. لذلك على المرأة أن تنتقي احتياجها بذكاء، وبعيدا عن العاطفة قدر المستطاع.

القوة المميزة لصناعة الاعلان، تكمن في قدرتها على تحويل الاشياء العادية، الى أشياء مرغوبة.

ـ ديبرا ترامبي

في التدوينة السابقة تحدثنا عن سؤال “هل رسمت الاعلانات صورة نمطية للمرأة؟” فـ تقول مسؤولة في وكالة دعاية وإعلان: “نقضي 6 ساعات لتنقيح فديو من 90 ثانية” إن كلمة فوتوشوب ليست مُزحة تطلق على أي شيء نراهُ غير واقعي، إنها واقع بحد ذاته، فالصور التي نراها لا تشبه الصور التي التقطتها الكاميرا، ولذلك جاء سؤال آخر: “ما الذي يتم فعله في الصور من التقاطة الكاميرا والى وقت عرضها على الجمهور؟” حتى أن فوتوشوب بحد ذاتها تركز في تقديم نفسها على الطريقة التي تستطيع من خلالها جعلك تبدو كشخص مثالي. لقراءة التدوينة السابقة (هنا)

إن المشكلة الاساسية في هذه الاعلانات هي ربطها الكمال في المظهر بالعلاقات الانسانية، كأن تقوم بإيصال رسالة بأن الحصول على شريك حياة أو حُب يرتبط بالمظهر الخارجي، وهذه فكرة مغلوطة، فحتى جمال المظهر الخارجي نسبي، بمعنى تختلف رؤية الناس له، وتقديرهم اياه. نعم على المرأة أن تكون مهندمة وأن ترُاعي ذلك، ولكن ليس عليها أن تتكلف مالا تُطيق. يقول الشاعر لينسف جميع الافكار التي ترسلها الاعلانات الينا بطريقة غير مباشرة:

وما الحب عن حسن ولا عن ملاحة.. ولكنه شيء به الروح تُكلفُ

اما مصطفى صادق الرافعي يقول عن سمو الحب في كتابه وحي القلم:

ولو أحببت الأنثى لوجدتك في كل أنثى، ولكني أحب ما فيك أنت بخاصتك، وهو الذي لا أعرفه ولا أنت تعرفينه، هو معناك يا سلامة لا شخصك.

أوقات طيبة ..

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s